• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

ما جاء في "القرآن الكريم" عن "منكري السنة"

ما جاء في القرآن الكريم عن منكري السنة
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/7/2022 ميلادي - 26/12/1443 هجري

الزيارات: 13205

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما جاء في "القُرآنِ الكَرِيم" عن "مُنْكِرِي السُّنَّة"


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

أخبر الله تعالى في كتابه الكريم بأنَّ للحق أعداءً وللباطل دعاة، ومما جاء في التحذير من مُتَّبعي الباطل، ومنهم منكرو السنة النبوية ما يلي:

1- قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115]. (أي: ومَنْ يُخالف الرسولَ صلى الله عليه وسلم ويُعانده فيما جاء به ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ﴾ بالدلائل القرآنية، والبراهين النبوية.

 

﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ وسبيلُهم هو طريقُهم في عقائدهم وأعمالهم، ﴿ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ﴾ أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونَخذله فلا نُوفِّقه للخير؛ لكونه رأى الحقَّ وعَلِمَه وتركَه، فجزاؤه من الله عدلاً أنْ يُبقيه في ضلاله حائراً ويزداد ضلالاً إلى ضلاله؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾، ويدلُّ مفهومُها على أنَّ مَنْ لم يُشاقق الرسولَ، ويتَّبع سبيلَ المؤمنين، بأنْ كان قصدُه وجهَ اللهِ واتِّباعَ رسولِه، ولزومَ جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهمِّ بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإنَّ الله لا يُوَلِّيه نفسَه وشيطانَه بل يتداركه بلطفه، ويَمُنُّ عليه بحفظه ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السُّوء، وكذلك كلُّ مُخلص، كما يدل عليه عموم التعليل.

 

وقوله: ﴿ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ﴾ أي: نُعذِّبه فيها عذابا عظيماً، ﴿ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ أي: مَرْجِعاً له ومآلاً. وهذا الوعيد المُرَتَّب على الشِّقاق ومخالفةِ المؤمنين مراتب، لا يُحصيها إلاَّ الله بِحسب حالة الذَّنب صِغَراً وكِبَراً، فمنه ما يُخلِّد في النار، ويُوجِبُ جميعَ الخذلان، ومنه ما هو دون ذلك)[1].

 

2- قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 112، 113].

 

(يقول تعالى - مسليا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم - وكما جعلنا لك أعداءً يَرُدُّون دعوتك، ويُحاربونك، ويحسدونك، فهذه سُنَّتُنا، أنْ نجعل لكلِّ نبيٍّ نُرسله إلى الخلق أعداءً، من شياطين الإنس والجن، يقومون بِضِدِّ ما جاءت به الرسل.

 

﴿ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ أي: يُزيِّن بعضُهم لبعض الأمرَ الذي يَدْعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة؛ لِيغتَرَّ به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تُعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المُمَوَّهة، فيعتقدون الحقَّ باطلاً والباطلَ حقًّا، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ ﴾ أي: ولِتَمِيلَ إلى ذلك الكلام المزخرف ﴿ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ﴾؛ لأنَّ عدم إيمانهم باليوم الآخر وعدم عقولهم النافعة، يحملهم على ذلك، ﴿ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾ بعد أنْ يُصغوا إليه، فيُصغون إليه أوَّلاً، فإذا مالوا إليه ورأوا تلك العبارات المُستحسَنة، رَضَوه، وزُيِّن في قلوبهم، وصار عقيدةً راسخة، وصِفةً لازمة، ثم ينتج من ذلك، أنْ يَقترفوا من الأعمال والأقوال ما هم مُقترفون، أي: يأتون من الكذب بالقول والفعل، ما هو من لوازم تلك العقائد القبيحة، فهذه حال المُغْتَرِّين بشياطين الإنس والجن، المستجيبين لدعوتهم...

 

ومن حكمة الله تعالى، في جعله للأنبياء أعداءً، وللباطل أنصاراً قائمين بالدعوة إليه، أنْ يحصل لعباده الابتلاء والامتحان، ليتميَّز الصادق من الكاذب، والعاقل من الجاهل، والبصير من الأعمى)[2].

 

3- قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 121].

 

إنَّ الشياطين يوحون إلى أوليائهم من القرآنيين ونحوهم الذين استجابوا للوحي الشيطاني، وهم يحسبون أنهم على شيء، ومما جاء في تفسير الآية من الآثار:

أ‌- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قيل له: (إنَّ المُختار يزعم أنه يُوحى إليه؟ قال: صدق، وتلا هذه الآية: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾)[3].

 

ب‌- وعن أبي زُمَيْلٍ رحمه الله قال: (كنتُ قاعدًا عند ابنِ عباسٍ، وحَجَّ المختارُ بن أبي عُبيد[4]، فجاءه رجل فقال: يا ابن عباس، زعم أبو إسحاق أنه أوحي إليه الليلة؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: صدق، فنفرتُ، وقلتُ: يقول ابن عباس: صدق. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هما وحيان: وحي الله، ووحي الشيطان، فَوَحْيُ اللهِ تعالى إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ووَحْيُ الشيطانِ إلى أوليائه، ثم قرأ: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾)[5].

 

ج-وعن سعيد بن وهب، قال: (كنتُ عند عبدِ الله بن الزبير، فقيل له: إنَّ المُختار يزعم أنه يوحى إليه، فقال: صدق، ثم تلا: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ * تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ [الشعراء: 221، 222])[6].

 

ومن هنا نعلم أنَّ استجابة "القرآنيين" لوساوس الشياطين تُشْبِه إلى حدٍّ كبير ما فعله المشركون قديماً عندما أطاعوا عقولَهم الفاسدة واستجابوا لوحي الشياطين؛ كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ﴾ أي: بغير علم، ولا حجة ولا برهان.

 

(فإنَّ المشركين - حين سمعوا تحريمَ اللهِ ورسولِه الميتةَ، وتحليلَه للمُذكَّاة، وكانوا يستحِلُّون أكلَ الميتة – قالوا - معاندةً لله ورسوله، ومجادلةً بغيرِ حُجَّة ولا برهان: "أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله؟" يعنون بذلك: الَميتة.

 

وهذا رأي فاسد، لا يستند على حُجَّةٍ ولا دليلٍ؛ بل يستند إلى آرائهم الفاسدة التي لو كان الحق تبعاً لها لفسدت السماوات والأرض، ومَنْ فيهنَّ.

 

فتبًّا لِمَنْ قدَّم هذه العقولَ على شرعِ الله وأحكامِه، الموافقة للمصالح العامة والمنافع الخاصة. ولا يُستغرب هذا منهم، فإنَّ هذه الآراء وأشباهها، صادرةٌ عن وحيِ أوليائهم من الشياطين، الذين يُريدون أنْ يُضِلُّوا الخلقَ عن دينهم، ويدعوهم ليكونوا من أصحاب السَّعير.

 

﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ ﴾ في شركهم وتحليلهم الحرام، وتحريمهم الحلال ﴿ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ لأنكم اتَّخذتموهم أولياءَ من دون الله، ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين، فلذلك كان طريقُكُم، طريقَهم.

 

ودلَّت هذه الآية الكريمة على أنَّ ما يقع في القلوب من الإلهامات والكُشوف، التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوِهِم، لا تدل - بمجردها على أنها حق، ولا تُصدَّق حتى تُعرضَ على كتابِ الله وسُنَّةِ رسوله.

 

فإنْ شَهِدا لها بالقبول قُبِلَتْ، وإنْ ناقضتهما رُدَّتْ، وإنْ لم يُعلم شيء من ذلك، تُوُقِّفَ فيها ولم تُصدَّق ولم تُكذَّب؛ لأنَّ الوحي والإلهام، يكون من الرحمن ويكون من الشيطان، فلا بدَّ من التَّمييز بينهما والفرقان، وبعدم التَّفريق بين الأمرين؛ حصل من الغلط والضَّلال، ما لا يُحصيه إلاَّ الله تعالى)[7].

 

فكيف لهؤلاء "القرآنيين المجادلين بالباطل" الذين لا يقبلون بيانَ القرآنِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقبلون بيانَه من عند أنفسهم، إنَّ هذا لَمِنْ أعجب العجب!

 

4- ومن أوضح الآيات التي تُبيِّن حال هؤلاء القرآنيين المجادِلين بغير علم ولا هدى؛ قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الحج: 8، 9].

 

كل المبتدعة الداعين إلى البدع والضلال - ومنهم القرآنيون - يُجادلون بغير حقٍّ ولا برهان، فالله تعالى أخبرنا في القرآن الكريم بحال كلِّ ضالٍّ منهم بأنه ﴿ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ ﴾ (أي: يُجادِل رُسُلَ اللهِ وأتباعَهم بالباطل؛ لِيُدْحِضَ به الحق، ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ صحيح ﴿ وَلَا هُدًى ﴾ أي: غير مُتَّبِعٍ في جِداله هذا مَن يهديه، لا عقل مُرشِد، ولا متبوع مُهتد، ﴿ وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ أي: واضح بيِّن، أي: فلا له حُجَّة عقلية ولا نقلية، إنْ هي إلاَّ شُبهات، يوحيها إليه الشيطان، ومع هذا ﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ ﴾ أي: لاوِيَ جانبِه وعُنقِه، وهذا كناية عن كِبْرِه عن الحق، واحتقارِه للخَلْق، فقد فَرِحَ بما معه من العلم غير النافع، واحتقر أهلَ الحقِّ وما معهم من الحقِّ، ﴿ لِيُضِلَّ ﴾ الناس، أي: لِيَكُون من دُعاة الضَّلال، ويدخل تحت هذا جميعُ أئمة الكفر والضَّلال.

 

ثم ذَكَرَ عُقوبتَهم الدُّنيوية والأخروية فقال: ﴿ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ﴾ أي: يُفتضح هذا في الدنيا قبل الآخرة، وهذا من آيات الله العجيبة، فإنك لا تَجِدُ داعياً من دُعاة الكُفر والضَّلال؛ إلاَّ وله من المقت بين العالَمين، واللَّعنة، والبُغْضِ، والذَّم، ما هو حقيقٌ به، وكلٌّ بِحَسَبِ حاله. ﴿ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ أي: نُذِيقُه حَرَّها الشَّديد، وسعيرَها البليغ؛ وذلك بما قدَّمت يداه، ﴿ وَأَّن اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾)[8].

 

5- قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 41].

 

(نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر، الخارجين عن طاعة الله ورسوله، المُقدِّمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله عز وجل ﴿ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي: أظهروا الإيمانَ بألسنتهم، وقلوبُهم خراب خاوية منه، وهؤلاء هم المنافقون. ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ﴾ أعداء الإسلام وأهله.

 

وهؤلاء كلُّهم ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ﴾ أي: يستجيبون له، منفعلون عنه ﴿ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ﴾ أي: يستجيبون لأقوام آخرين لا يأتون مجلسك يا محمد. وقيل: المراد أنهم يتسمَّعون الكلامَ، ويُنْهُونه إلى أقوامٍ آخَرِين مِمَّنْ لا يحضر عندك من أعدائك ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ﴾ أي: يتأوَّلونه على غير تأويله، ويُبدِّلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)[9].

 

وفي آية أخرى مشابهة قال سبحانه – مخاطباً نبيَّه الكريم: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 176].

 

فقد (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم حريصاً على الخلق، مُجتهداً في هدايتهم، وكان يحزن إذا لم يهتدوا، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾ من شِدَّةِ رغبتهم فيه، وحِرصهِم عليه ﴿ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾ فالله ناصِرٌ دينَه، ومُؤيِّدٌ رسولَه، ومُنفِّذٌ أمرَه من دونهم، فلا تبالهم ولا تحفل بهم، إنما يَضُرُّون ويسعون في ضَرَرِ أنفسهم، بفوات الإيمان في الدنيا، وحصول العذاب الأليم في الأخرى؛ من هوانهم على الله وسقوطهم من عينه، وإرادتِه أن لا يجعل لهم نصيباً في الآخرة من ثوابه. خَذَلَهم فلم يُوَفِّقْهم لما وَفَّقَ له أولياءه ومَنْ أراد به خيراً، عدلاً منه وحكمة؛ لعلمه بأنهم غير زاكين على الهدى، ولا قابلين للرَّشاد؛ لفساد أخلاقهم وسوء قصدهم.

 

ثم أخبر أنَّ الذين اختاروا الكفر على الإيمان، ورغبوا فيه رغبةَ مَنْ بذل ما يُحِبُّ من المال، في شراء ما يُحِبُّ من السِّلع ﴿ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾؛ بل ضرر فِعلِهم يعود على أنفسهم، ولهذا قال: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ وكيف يَضُرُّون اللهَ شيئاً، وهم قد زَهِدوا أشدَّ الزُّهد في الإيمان، ورَغِبُوا كلَّ الرغبة بالكفر بالرحمن؟! فاللهُ غنيٌّ عنهم، وقد قيَّض لِدِينه من عباده الأبرارِ الأزكياء سواهم، وأعدَّ له - مِمَّن ارتضاه لِنُصرته - أهلَ البصائر والعقول، وذوي الألباب من الرِّجال الفحول)[10].

 

6- قوله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. فهذا تحذير لهؤلاء المنكرين للسنة المخالفين شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصيبهم فتنة في الدنيا، أو عذاب أليم في الآخرة.

 

قال ابن كثير رحمه الله: (﴿ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾؛ أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِلَ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعِلِه كائناً مَنْ كان... فليحذر وليخش مَنْ يُخالف شريعة الرسول باطناً أو ظاهراً ﴿ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾؛ أي: في قلوبهم من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ أي: في الدُّنيا بقتلٍ أو حَدٍّ، أو حبسٍ، أو نحوِ ذلك)[11].

 

7- قوله تعالى:﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[النساء: 65].

 

فقد أقسم الله تعالى بأجلِّ مُقسَمٍ به – وهو نفسه الشريفة – على نفي الإيمان عن هؤلاء المنكرين للسنة النبوية حتى يُحكِّموا رسوله صلى الله عليه وسلم في كلِّ نزاعٍ بينهم، وينتفي عن صدورهم الحرجُ والضِّيقُ عن قضائه وحُكمه، ويُسلِّموا تسليماً[12].

 

قال ابن كثير رحمه الله: (يُقْسِم تعالى بنفسه الكريمة المُقدَّسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّمَ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حَكَم به فهو الحقُّ الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال: ﴿ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ أي: إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به، وينقادون له في الظَّاهر والباطن، فيُسَلِّمون لذلك تسليماً كلِّيًّا من غير ممانعةٍ، ولا مدافعةٍ، ولا منازعة)[13].



[1] تفسير السعدي، (2/ 8).

[2] تفسير السعدي، (2/ 211، 212).

[3] رواه ابن أبي حاتم في (تفسيره)، (4/ 1379)؛ (رقم 7840)؛ والسيوطي في (الدر المنثور)، (6/ 191)؛ وابن كثير في (تفسيره)، (3/ 328).

[4] هو المختار بن أبي عبيدٍ بن مسعود الثقفي، كذَّاب خبيث ادَّعى النبوة؛ فقتله الله تعالى بيد مصعب بن الزبير وأصحابه (سنة 67 هـ)، وله خبر طويل فيه كذبه وما فعل، وما فعل الناس به. انظر: سير أعلام النبلاء، (3/ 538).

[5] رواه ابن أبي حاتم في (تفسيره)، (4/ 1379)؛ (رقم 7841)؛ والطبري في (تفسيره)، (12/ 86)، (رقم 13832)؛ وابن كثير في (تفسيره)، (3/ 328).

[6] رواه الطبري في (تفسيره)، (19/ 414)؛ والسيوطي في (الدر المنثور)، (11/ 318).

[7] تفسير السعدي، (2/ 217، 218).

[8] تفسير السعدي، (1/ 147).

[9] تفسير ابن كثير، (3/ 113).

[10] تفسير السعدي، (1/ 157).

[11] تفسير القرآن العظيم، (3/ 308).

[12] انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، (1/ 51).

[13] تفسير القرآن العظيم، (1/ 521).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علماء الأمة يردون على منكري السنة
  • نبوءة النبي: ظهور طائفة منكري السنة
  • الرد على بعض شبهات منكري السنة النبوية
  • ما جاء في "الأحاديث النبوية" عن "منكري السنة"
  • الرد على من ينكرون السنة النبوية
  • أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ما جاء في القرآن الكريم من أمور مهمة يحبها المؤمنون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن يأمر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحذير أهل القرآن من بعض ما جاء في بهجة الجنان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الهداية في القرآن وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجوزة إتحاف ذي العرفان في نظم ما جاء على وزن فاعول في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما جاء في القرآن والآثار من النهي عن اتخاذ الكافرين والمنافقين أولياء وأنصارا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ‏‏الأربعون القصصية من السنة النبوية ‬(باب ما جاء في وجوب التوبة - الحديث الثالث)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب